وأكد الحموري أن ما يستند إليه محمود عباس من أن القانون ينص على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بشكل متزامن، وبالتالي فإن عليه البقاء في موقعه لحين إجراء الانتخابات التشريعية؛ غير صحيح.
وأضاف: "أعتقد أن محمود عباس يستند في ذلك إلى نص قانون الانتخابات الفلسطيني الذي أصدره هو بمرسوم رئاسي وليس إلى الدستور (القانون الأساسي)".
وأكد أن كل القانونيين في العالم يعرفون أنه لا يجوز أن يتعارض أي قانون أو مرسوم مع الدستور، وفي حال تعارض قانون مع الدستور (القانون الأساسي) يعتبر القانون لاغيًا، ويتم الاستناد إلى الدستور.
حركة حماس بدورها رأت في هذه الدعوة ضربًا لكل الجهود التي تُبذل لتحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، كما اعتبرت محمود عباس فاقدًا لشرعيته لانتهاء ولايته القانونية منذ شهر يناير الماضي، ولا يحقُّ له إصدار أية مراسيم أو قرارات تمسُّ قضايا الشعب الفلسطيني؛ لأنها تعمِّق الانقسام الوطني.
كما أكدت حماس أن مرسوم عباس بعقد انتخابات دون توافق وطني؛ جاء استجابةً للضغوط والمطالب "الإسرائيلية" والأمريكية، وما هو إلا تعبير صارخ عن حالة التخبُّط وعدم الشعور بالمسئولية الوطنية لدى فريق أوسلو.
كما يرى العديد من المهتمين والمتابعين للشأن الفلسطيني أن تأجيل التصويت على تقرير "جولدستون" أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان؛ يُعتبر نكسةً وفضيحةً في تاريخ السلطة ورئيسها محمود عباس الذي يتحمَّل كامل المسئولية عن هذه الخطيئة، وأن هذا الإجراء شكَّل سابقةً في تاريخ القضية الفلسطينية؛ حيث سعت السلطة إلى تبرئة دولة الاحتلال من الجرائم التي ارتُكبت في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وهو ما شكَّل تواطؤًا واضحًا بين الطرفين، واعترافًا ضمنيًّا بالشراكة في هذه الحرب مع دولة الاحتلال.
إن هذا التأجيل يعتبر قدحًا في شرعية عباس، وطعنًا في وطنية السلطة وخطها السياسي، وهو الرئيس الذي لا يمثل مصالح الشعب الفلسطيني أمام المحافل الدولية.
المتباكون على الديمقراطية
والغريب في الأمر، أن أولئك الذي يتباكون على الديمقراطية هم بالأساس من انقلبوا على الديمقراطية وخيارات الشعب وتحالفوا مع الشيطان؛ من أجل إخراج حماس من المشهد السياسي الفلسطيني عبر العديد من الممارسات الممتدة طوال الأربع سنوات الماضية، ابتداءً بالإضرابات المسيَّسة، ومرورًا بالعصيان العام من قِبل عناصر فتح، وعدم خضوعهم لقرارات الوزارات، يوم أن كانت حماس تقود الحكومة العاشرة، وانتهاءً بحالة الفلتان الأمني التي مورست ضد نواب الحركة الإسلامية المنتخبين ديمقراطيًّا.
وبعد أن حسمت حركة حماس هذه الحالة الشاذَّة عسكريًّا؛ أصدر عباس العديد من المراسم الرئاسية المخالفة للقانون الأساسي الفلسطيني؛ حيث عمد على حلِّ حكومة الوحدة الوطنية وتعيين حكومة جديدة "حكومة فياض اللا شرعية"، دون عرضها على المجلس التشريعي لنَيل الثقة، كما قام بإغلاق أكثر من 100 جمعية ومؤسسة دون أي سند قانوني، كما قام باعتقال الآلاف من عناصر وأنصار حماس واحتجازهم لعدة أشهر، بالرغم من صدور أوامر قضائية تدعو إلى إطلاق سراحهم، كما قام بحل العديد من المجالس البلدية والقروية المنتخبة ديمقراطيًّا، وتعيين عناصر موالية لحركة فتح، هذا بالإضافة إلى سياسة الفصل التعسفي وغير القانوني التي طالت مئات الموظفين الحكوميين، وبعد هذا كله يظهر عباس متمسكًا بخيار الديمقراطية واحترام إرادة الشعب؟!
حقٌّ أُريد به باطل
يمكن القول بأن في ظاهر دعوة عباس لإجراء هذه الانتخابات تكريسًا للخيار الديمقراطي، والتبادل السلمي للسلطة في الأراضي الفلسطينية، ولكن في حقيقة الأمر تأتي هذه الدعوة لإخراج حماس من البوابة التي دخلت منها، فجميع الظروف الحالية غير مهيَّأة لتخوض حماس غمار هذه التجربة.
فحماس في الوقت الحالي تعتبر حركةً محظورةً عمليًّا في الضفة الغربية من قِبَل السلطة التي قمعت هذه الحركة، ووصلت إلى حد الاستئصال، فجميع كوادرها وقادتها اعتُقلوا، وما زال عدد كبير منهم رهن الاعتقال في سجون السلطة، كما فُصل المئات من عناصرها من وظائفهم الحكومية والخاصة؛ بسبب شبهة انتمائهم السياسي، كما أُغلقت جميع مؤسساتها الخدماتية والاجتماعية.. تلك المؤسسات والجمعيات التي اعتُبرت الشريان الرئيسي لتواصل حماس مع جماهيرها وقاعدتها الشعبية.
بعد كل هذا وذاك كيف يمكن لحماس- وبعد كل هذه الفترة من الملاحقة والتصفية- أن تخوض غمار انتخابات مفصلة بالأساس على مقاس السلطة وحركة فتح؟!
خطوة نحو تكريس الانقسام
|
د. ناجي شراب |
</TR>