من
الصعب أحياناً إعطاء تعريف دقيق لمفهوم المأساة. ولعل موقعة ربع نهائي كأس
العالم تحت 20 سنة مصر 2009 بين ألمانيا والبرازيل تجسد نموذجاً صارخاً
للمأساة التقليدية في أجمل صورها وأكثرها تأثيراً في نفوس المشاهدين.
قاوم
الألمان طيلة أطوار المباراة دون أن يتركوا مجالا لمنافسهيم للأخذ بزمام
الأمور، وبلغ بهم الأمر إلى درجة الاعتقاد بأن الفوز بات مسألة وقت ليس
إلا، خاصة بعد أن تمكن لويس هولتبي من إحراز هدف السبق في الدقيقة 73.
وبينما
كان بال نجوم المانشافت مشغولا بالتفكير في طريقة الاحتفال بالانتصار
التاريخي، تلقت شباكهم هدفين قاتلين من مايكون قبل نهاية الوقت الأصلي
وعلى بعد ثوان معدودة من انقضاء الوقت بدل الضائع، لتنتهي أحلام المدرب
هورست روبيش وأبنائه بأكثر الطرق مأساوية في عالم كرة القدم.
استيقظ
الألمان في اليوم التالي على كابوس مزعج، حيث بدؤوا في جمع حقائبهم للعودة
إلى الديار بخيبة أمل بعدما كانوا يحلمون بحمل الكأس إلى بلادهم.
ولم
يخف روبيش استياءه من النتيجة بعدما كان فريقه قاب قوسين أو أدنى من
التقدم إلى المربع الذهبي "نشعر بخيبة أمل كبيرة. فقد كانت نتيجة المباراة
بين أيدينا لكننا، أهدينا الفوز للبرازيليين. لقد أتيحت لنا فرص عديدة
لحسم الأمور لصالحنا، لكننا سقطنا بسبب خطأين فرديين قاتلين، علماً أنه لم
يكن من حقنا التفريط في مثل تلك الكرات في منافسات من هذا الحجم."
ورغم
الحسرة الكبيرة التي عمت داخل المعسكر الألماني، إلا أن روبيش يعتبر أن
مشوار فريقه في نهائيات أرض الكنانة لا يمكن إلا أن يكون إيجابيا، "لا
داعي للإكثار في التهويل وتضخيم المسألة. إننا راضون تماماً على وصولنا
إلى هذه المرحلة المتقدمة، حيث نعتبر بلوغ هذه النقطة إنجازاً في حد ذاته
لأنه فاق طموحتنا وتطلعاتنا. إنني فخور بأبنائي، إذ حققوا مشواراً ممتازاً
في هذه النهائيات."
وبرغم بعض الصعوبات التي اعترضت طريق
الألمان، إلا أن نجوم المانشافت نجحوا في إنهاء منافسات الدور الأول على
رأس مجموعتهم، قبل خوض مباراة ملحمية أمام نيجيريا في ثمن النهائي. وبغض
النظر عن الإقصاء أمام منتخب البرازيل، الذي يعد أكبر مرشح للظفر باللقب
في غياب الأرجنتين، فإن أبناء هورست روبيش سيعودون إلى ديارهم مرفوعي
الرأس.
يقول قائد الفريق فلوريان يونجفيرت "بإمكاننا أن أن نكون فخورين بما حققناه هنا."
من
جهته بدا ريتشارد سوكوتا باسو واقعياً إلى أبعد الحدود، حيث تقبل الخسارة
والإقصاء بكل روح رياضية، مذكراً عشاق كرة القدم بأنهم استمتعوا بمباراة
غاية في الروعة بين فريقين كبيرين "كنا على بعد دقيقتين من بلوغ نصف
النهائي، لكن هذه هي كرة القدم"
"علينا الآن أن نفكر في
المستقبل. أعتقد أن الحصيلة هنا كانت إيجابية على العموم، حيث خضنا
المباريات بشكل جيد وقدمنا عروضاً شيقة، بلغنا بفضلها دور الثمانية. إنني
فخور بزملائي بطبيعة الحال."
ووجد شباب ألمانيا عزاءهم في تلقي
خبر تأهل منتخب الكبار إلى نهائيات كأس العالم جنوب أفريقيا 2010 بفوزه
الصعب في عقر دار العملاق الروسي، ما يعني للبعض منهم إمكانية خوض تجربة
مونديالية حقيقية بعد أقل من عام من الآن، بالانضمام لتشكيلة المدرب
يواكيم لوف قبل شهر يونيو القادم.
ويعد سوكوتا باسو أحد هؤلاء
الذين يحلمون بالمشاركة مع بالاك وباقي نجوم المانشافت في أول نهائيات
تقام على أرض أفريقية "أحلم بأن يتم استدعائي لتعزيز صفوف المنتخب الأول
في يوم من الأيام. سأعمل بجد وأبذل قصارى جهدي خلال الأشهر القليلة
القادمة حتى أضمن مكانتي. لقد استفدنا كثيراً على المستوى الإنساني
والاحترافي من تجربة كأس العالم (تحت 20 سنة) التي أعتقد أنها ستشكل تجربة
رائعة بالنسبة لنا، إذ لا يمكن إلا أن تعود بالنفع على مسيرة كل واحد
منا."
من جانبه يقول روبيش "علي أن أكتشف جيلاً جديداً ليشارك في كأس العالم المقبلة بعد سنتين"