طالب الرئيس حسنى مبارك القائد الأعلى للقوات المسلحة إسرائيل بإعادة
النظر فى مجمل سياساتها وأسلوب تعاملها مع الفلسطينيين والعرب، وقال "إذا
اختارت طريق السلام وتجاوبت بحسن نية مع استحقاقاته، فهذا من شأنه أن يشجع
العرب على الثقة بنياتها، وذلك هو جوهر المبادرة العربية للسلام".
ودعا الرئيس مبارك - فى حديث لجريدة (القوات المسلحة) بمناسبة الذكرى
الـ36 لنصر أكتوبر المجيدة - إسرائيل لوقف الاستيطان بشكل تام وتحقيق تقدم
ملموس فى مفاوضات السلام، قبل الحديث عن إيماءات أو مبادرات أو خطوات
عربية تجاهها.
وقال مبارك "يجب أن تختار إسرائيل بشجاعة بين السلام والأمن والاستقرار
وبين استمرار الاحتلال غير المشروع للأراضى الفلسطينية والتمسك بمواقف ثبت
عدم جدواها ، فالاحتلال مصيره إلى زوال، والأمن يصنعه السلام وليس القوة
المسلحة، وفرض الأمر الواقع لا يثبت وضعا ولا يضفى شرعية ولا يترتب عليه
حق لأحد وكل ما يترتب عليه هو إطالة الصراع وإراقة الدماء وتهديد مستقبل
المنطقة والأجيال القادمة.
ووجه الرئيس مبارك كلامه للإسرائيليين، قائلا "قبل أن تضيع فرصة السلام
مرة أخرى أمامكم نموذج السلام مع مصر، ولابد أن يكون هذا النموذج ملهما
لساسة إسرائيل ومؤثرا فى صياغة رؤيتهم للتعامل مع باقى الأطراف العربية،
وأما غير ذلك فهو إضاعة للوقت وتبديد للأمل فى السلام ، ويصبح من الطبيعى
أن تستمر المنطقة نهبا للتوتر وعدم الاستقرار بالتداعيات الوخيمة لذلك على
الجميع ، وهذا مالا أتمناه أو تتمناه مصر، التى فتحت الطريق لسلام الشرق
الأوسط".
وأضاف الرئيس "إن المراوغة والمناورات وإضاعة الوقت لن تحقق مصلحة لأحد،
بل تهدد بعواقب وخيمة لجميع الأطراف وأولها إسرائيل فليس من مصلحتها أن
تضيع تلك الفرصة التاريخية لتحقيق مصالحة شاملة تغلق ملف الصراع بعد ستة
عقود، تقوم على التعايش وتطوى صفحة الماضى".
وأكد الرئيس مبارك أنه مع الفقراء ومحدودى الدخل فى سعيهم لحقهم فى الحياة
الكريمة، قائلا "سأظل منحازا لكل ما ييسر لهم أعباء الحياة، وتعليماتى
الدائمة للحكومة فى كل الاجتماعات واللقاءات والزيارات الميدانية لتفقد
وافتتاح أى مشروعات جديدة هى ضرورة أن يكون المواطن البسيط هو محل
اهتمامنا فهو صاحب الفضل الأول فيما حققناه من إنجازات، ولابد أن يكون
المستفيد منها وأن يجنى ثمار تحمله الأعباء والتضحيات خلال سنوات إعادة
البناء والإصلاح وأن يطمئن على مستقبل أبنائه وأحفاده".
وأضاف الرئيس مبارك "أن أى قرار نتخذه هو لصالح المواطن المصرى محدود
الدخل، فعندما يعرض على أى اقتراح أو مشكلة أو مشروع قانون أسأل أولا عن
مدى تأثيره على المواطن البسيط وهل يسهم فى تخفيف أعباء المعيشة عليه أم
لا؟، فالمواطن البسيط هو محور اهتمامى فى التعامل مع قضايا الداخل وخلال
زياراتى الخارجية.
وأردف قائلا: "أنا شخصيا أتابع معاناة الناس من الأسعار والمواصلات
وتكاليف المعيشة يوما بيوم ، وأعى تماما شواغل الأسر المصرية فى مواجهة
مصاعب الحياة ومشكلاتها وتابعت على مدار الساعة أزمة رغيف الخبز العام
الماضى وأزمة الارتفاع غير المسبوق فى أسعار السلع الغذائية الأساسية حتى
تراجعت، وغيرها من الأزمات لمجتمع مصرى يقترب سكانه من الثمانين مليون
نسمة".
وقال "إن ما حققناه من سياسات الإصلاح الاقتصادى وما نفذناه من سياسات
مالية ونقدية خلال السنوات الخمس الماضية ساعدنا على مواجهة الأزمة
المالية العالمية دون خسائر تذكر، المشكلة الحقيقية أن الأزمة المالية
للبنوك ومؤسسات التمويل تحولت لأزمة اقتصادية طاحنة، وإننا كغيرنا لا نملك
الانعزال عما يحدث فى العالم، ولم نكن بمنأى عن انعكاساتها على صادراتنا
من السلع والخدمات والاستثمار المحلى والأجنبى وتراجع إيرادات السياحة
وقناة السويس وحصيلة الضرائب وتحويلات المصريين العاملين بالخارج".
وأضاف: "أقول لشعب مصر بكل الصدق والصراحة، كما تعودتم منى إن الأزمة سوف
تتراجع إن عاجلا أم آجلا، بل وبدأت مؤشرات تراجع حدتها بالفعل، وسنخرج
منها ونحن أكثر قدرة على جذب الاستثمار ومواصلة النمو وإتاحة فرص العمل
وزيادة الدخول ورفع مستوى معيشة مواطنينا عاما بعد عام".